03 مايو 2009

جناية الشافعي (زكريا أوزون)

قراءات: كتاب "جناية الشافعي: تخليص الأمة من فقه الأئمة" لـ(زكريا أوزون)


عنوانٌ صاخبٌ كهذا كان لا بدّ أن يلفت أنظار الكثيرين، ومنهم أنا، فأحببتُ أن أكتشف هذه المحاولة الشجاعة في نقد علمٍ من أعلام الفقه الإسلامي. وعرفتُ أن للكاتب سلسلة (جنايات)، بدءا من (جناية البخاري) و (جناية سيبويه) وأخيرًا هذا الكتاب.

حاولتُ بكل جهدي أن أقرأ بحيادية تامة وبتفتح على رأي الآخر وبحثه واجتهاده، دون حساسية دينية. وراقني الإهداء الذي كتبه (زكريا أوزون):

إلى كل من يحترم العقل ويقدره..إلى كل من يحتكم إلى العقل في الحكم على النقل..إلى كل من أضاء شمعة الإبداع في ظلام التقليد الأعمى والتبعية...الخ

وبدأتُ أقرأ بتلهف وترقب، والتهمتُ الفصل الأول (زبدة الكتاب في بدايته)، وعرفتُ أن الكاتب ضد التبعية وضد صنع الرموز وتقديسها، وهذا شيءٌ جميل، وهو مع إعادة البحث والاجتهاد في الموروث.

ومع الفصل الثاني صُدمت! لم أجد للعقل الذي ينادي إليه الكاتب أي وجود. لا يبدو أي أثر لمنهجٍ بحثي جاد أبدًا في هذا الكتاب. هي عبارة عن تهم وسوء تفسير وتهافت ومراهقة فكرية لا تليق أبدًا مع انتقاد التراث.

وبعد قراءة الكتاب بأكمله لم أعرف الغرض الذي كُتب الكتاب من أجله. هل كان الكاتب يرمي إلى التجديد في الاجتهاد؟ ليس بعالم دين حتى يفعل. هل كان يريد إجراء بحث علمي عن أخطاء الشافعي؟ لا يبدو من سرد المصادر أن هذا الكاتب قد قرأ من المصادر ما يؤهله لذلك. هل كان يريد ترجيح مذهبٍ إسلامي على آخر؟ لا أثر لذلك.

كان على هذا الكاتب المتهافت أن يقرأ الكثير الكثير قبل التفكير في كتابة أوراقٍ كهذه. كان عليه أن يقرأ في أساليب البحث العلمي، وأساليب الحوار والمجادلة (بدلا من إيراد عبارة -لا تعليق- وكأنه يكتب في منتدى)، وأصول الفقه، ومنهج الاجتهاد الفقهي، والردود على اجتهادات الشافعي، وكتابات الشافعية وغيرها من الكتب.

ماذا يريد أن يقول هذا الكاتب يا تُرى؟ هل يريد أن يثبت أن الشافعي أخطأ في الكثير من اجتهاداته؟ الشافعي ليس معصومًا وهو يقول بأن كلامه يؤخذ منه ويرد عليه. ولماذا يعتقد الكاتب أن الشافعي (جنى) على الأمة؟ إنما هو مجتهد وجاء من بعده وفي زمانه الكثير من المجتهدين الذين اتفقوا معه واختلفوا.

هناك بعض النقاط التي تستحق النقاش في الكتاب، وهي أسئلة جيدة. ولكن الكتاب إجمالا كثيره غثّ أقل قليله سمين.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.