22 نوفمبر 2009

مبادرات قرائية: مكتبة الندوة العامة في بهلا

مبادرات قرائية: مكتبة الندوة العامة في بهلا


أرسل لي الصديق يعقوب المفرجي هذا الموضوع عن مبادرة قرائية جميلة في إحدى الولايات العمانية، وهي تجربة تستحق النظر والإشادة والاهتمام.


أولاً: نشأة المكتبة:
(‌أ) البداية: كانتِ البِدايَة في غُرفةٍ صغيرةٍ مُلْحَقَةٍ بمجلِسِ حارةِ النَّدْوَةِ بِوِلايةِ بهلا في السادس عشر من رجب عام 1416 للهجرة، الموافق الحادي والعشرين من نوفمبر عامَ 1996 للميلاد.
فَتَحَتِ المكتبةُ أبوابَها، لتَبْتَدِئَ رَحْلَتَها نحوَ طُموحٍ لا يتوقَّفُ عندَ حَدّ، في سبيلِ نَشْرِ كلمةٍ طَيِّبَةٍ أصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السّماء.
كانتِ البِداية، وكانتْ كَبَذْرَةٍ أَحْسَنَ المؤسِّسونَ غَرْسَها ثمَّ سَقْيَها ورِعايَتَها، لِتَنْمو، وتُزْهِر، وتُثْمِرَ ثَقافةً ووعياً.
(‌ب) الانتقال إلى المبنى الثاني: في الخامسِ عَشَرَ مِنْ سبتمبر عام 1997م وبعدَ تطورِ حَرَكَةِ المكتبة وإقبالِ الناسِ المتزايدِ عليها انتقلتِ المكتبةُ إلى هذا البيتِ المُسْتَأْجَرِ في وَسَطِ المدينة، لِتُسَجِّلَ بذلك إنجازًا يُضافُ إلى رَصيدِ حَرَكَةِ تَطَوُّرِها وسَعْيِها نحو طموحٍ أعلى.
(‌ج) الانتقال إلى المبنى الحالي: انتقلتِ المكتبةُ إلى المبنى الحالي الذي كانَ سابقًا مقرًّا للمحكمةِ الشرعية، والذي أتاحَ لها مُضاعَفَةَ محتواها مِنَ الكتب، فمِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ألفَ كتابٍ تقريبًا إلى ما يَقْرُبُ مِنْ ثلاثينَ ألفَ كتاب في الوقت الحالي.

ثانياً: أهدافها:
1- توفيرُ الموادِّ العِلميَّةِ المختلفة، وتسهيلُ الرُّجوعِ إليها للمُرْتادين.
2- ترغيبُ الناسِ في المُطالَعَةِ، وارتيادِهِم للمكتبةِ، واستفادَتِهِم مِنْ موادِّها العِلميَّة.
3- توفيرُ جَوِّ الحِوارِ العِلمِيِّ بينَ المُرْتادين.
4- رَفْعُ المستوى العِلميِّ والفِكْرِيّ.
5- حَلُّ مشكلةِ الفَراغِ لدى الشَّباب.
6- التَّبادُلُ الثَّقافيُّ مَعَ المكتباتِ الأخرى.

ثالثاً: أعمالها:
(1) الملتقياتُ الثقافية: حيثُ تطرحُ المكتبةُ عُنواناً كلَّ عام، تدعو مِنْ خِلالِهِ الباحثينَ إلى تقديمِ بُحوثِهِم فيهِ وإلقائِها. وقد نَظَّمَتِ المكتبةُ إلى الآنَ سِتَّةَ مُلْتَقَيَاتٍ، مِنْها:
- ملتقى سيرةِ الشيخِ أبي زَيْدٍ الرِّياميّ.
- ملتقى الفقهِ بينَ التطورِ والجمود.
- ملتقى الشيخةِ عائشةَ الريامية.
- ملتقى كيفَ نقرأُ التأريخ.
- ملتقى الشيخِ ابنِ بَرَكَة البهلويّ.
(2) منهل الندوة: وهو عِبارةٌ عَنْ نشاطٍ ثقافيٍّ يُقامُ داخلَ المكتبةِ كُلَّ أسبوعين، تَتَلَخَّصُ فكرتُهُ في قيامِ أحد المتخصصينَ بِطَرْحِ موضوعٍ معيَّنٍ في أيِّ مجالٍ عِلميٍّ أو ثقافيٍّ كان، مُستخدمًا في عرضِهِ الوسائِلَ والتقنياتِ الحديثةِ، لتبسيطِ المادةِ المعروضةِ وتسهيلِ وصولِها للحضور.
(3) المسابقات الثقافية: لقد دَأَبَتِ المكتبةُ على إقامةِ العديدِ مِنَ المسابقاتِ الثقافية، وخصوصًا في فصلِ الصيف، وشهرِ رمضانَ المبارك.
وقد تنوعت هذه المسابقاتُ بينَ مجالاتٍ عديدة، مثلَ: مجالِ البحثِ العلمي، والقصةِ القصيرة، والشِّعرِ الفصيح، وتحقيقِ المخطوطات، والأشغالِ اليدوية، والابتكاراتِ العلمية، والتأليفِ المسرحي.. وغيرِها مِنَ المجالات.
وقد نال المُجِدُّونَ والمُبدعون ما يستحقونَهُ مِنْ تكريم.
(4) المعارض: تُقيمُ المكتبةُ سنويًّا معرضًا للموادِّ التي يتم إدخالُها حديثًا، وذلكَ بغرضِ تعريفِ المرتادينَ بالعناوينِ الجديدةِ التي ستدخلُ المكتبة، وقد تم الاستعاضةُ مؤخرًا عَنْ إقامةِ هذهِ المعارض بوضعِ رُكنٍ يكونُ في مُواجَهَةِ مَنْ يدخلُ المكتبة، يُعرضُ فيهِ – بشكلٍ مستمرٍّ ومتجدد – ما يَدْخُلُ للمكتبةِ مِنْ كُتُبٍ حديثة.
(5) تفريغُ الأشرطةِ السمعيةِ للمحاضراتِ التي تنظمُها المكتبة، ومِنْ أمثلةِ الكتبِ المفرَّغَةِ والمطبوعة، كتاب (كيفَ تنمو قِرائِيًّا؟).
(6) الاحتفالات: تُقيمُ المكتبةُ كُلَّ عامٍ احتفالاً فنيًّا لتكريمِ المتميزينَ والفائزينَ في المسابقاتِ المختلفة، وتُعرضُ فيهِ العديدُ مِنَ الفقراتِ الفنية، وقد نالت هذهِ الاحتفالاتُ استحسانَ الجميع.
(7) الموقع الإلكتروني: مواكبةً لمقتضياتِ العصر، ارتأى القائمونَ على المكتبةِ ضرورةَ أنْ يكونَ للمكتبةِ نافذةٌ يُطِلُّ منها مُحِبّو العلمِ والمعرفةِ على المكتبةِ أينما كانوا على وجهِ البسيطة، وقد جاءَ تدشينُ الموقعِ على شبكةِ المعلوماتِ العالميةِ في مُسْتَهَلِّ عامِ 2002. وسوفَ يُقدِّمُ الموقعُ في مرحلتِهِ القادمةِ خِدْمَةً للباحثينَ والمطلعين، تُمَكِّنُهُم مِنَ البحثِ عن محتوياتِ المكتبةِ مِنْ خِلالِ الموقع، إضافةً إلى البرامجِ المَعْرِفِيَّةِ الأخرى.
http://al-ndwa.net/


رابعاً: نظام التصنيف والاستعارة:
- تعتمدُ المكتبةُ في تصنيفِ الكتبِ على نظامِ دِيوِي العَشْرِيّ المعروف، وتحوي المكتبةُ ضِمْنَ مرافِقِهَا غرفةً خاصةً بأعمالِ التصنيف.
- بينما يُشرفُ على الإعارةِ أشخاصٌ وُظِّفوا لهذا الغرض، يعتمدونَ في عملِهِم على برنامجٍ حاسوبيّ يُتيحُ لهمُ البحثَ عَنِ الكتب، والقيامَ بعمليةِ الإعارة، كما تتوفرُ للمرتادينَ خدمةُ البحثِ الذاتيِّ عَنِ الكتب، مِنْ خلالِ جهازِ حاسوبٍ مخصصٍ لذلك.
- وقد وضعتِ المكتبةُ عددًا مِنَ الشروطِ التي لابدَّ مِنْ تحققها في الشخصِ حتى يُسمحَ له بالاستعارةِ مِنَ المكتبة، كما اعتمدتْ على نوعينِ مِنْ بطاقاتِ الإعارةِ هما: بطاقةُ القارئِ العاديّ، وبطاقةُ صديقِ المكتبة.
- وإلى جانبِ وجودِ أوقاتٍ لزيارةِ المكتبةِ خاصةً بالرجال، توجدُ هناكَ أوقاتٌ خاصةٌ بالنساء.
- والجدول التالي يوضح أهم الإحصائيات في المكتبة:
عدد الكتب: 28 ألف عنوان كتاب
الأشرطة السمعية: 1200 شريط
الأشرطة البصرية: 2000 شريط
قرص حاسوب (سي دي و ديفيدي): 2000 قرص
متوسط عدد المستيعرين شهريا: 1000 مستعير
المجلات والدوريات: 3000 مجلة ودورية
المستفيدون المسجلون في برنامج المكتبة: ذكور 2900 ، إناث 1080

خامسًا: أبرز الزيارات للمكتبة:
منذُ افتتاحِ المكتبةِ وحتّى الآن، تزورُهَا شخصياتٌ ثقافيةٌ واجتماعيةٌ مِنْ مختلفِ أنحاءِ العالم، سواءً على صعيدِ الأفرادِ أو المؤسسات، ومِنْ أمثلةِ هذهِ الزيارات:
(1) على الصعيد المحلي: فقد زارها:
• سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة.
• معالي سالم بن عبدالله الغزالي وزير المواصلات سابقا.
• سعادة الشيخ محمد بن سالم الأغبري والي بهلا سابقا.
• سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الأمين العام لمكتب الإفتاء.
(2) أما على الصعيدِ الخارجي، فَمِنْ هؤلاء:
• الأستاذ سالم بن عبدالله محمد من دولة الإمارات العربية المتحدة.
• فضيلة الشيخ العلامة محمد بن ناصر المرموري من الجزائر.
• الأستاذ محمد فريد الرائدي من ماليزيا.
• فضيلة السيد حسن بن علي السقاف من الأردن.
• سعادة السفير الأمريكي سابقا من الولايات المتحدة الأمريكية.
• بوسباع حميد من فرنسا.
• وفد من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز من المملكة العربية السعودية.

سادسًا: غرفة بهلا:
وهي كيانٌ تأسسَ في مطلعِ عامِ 2008م، ضمنَ مكتبةِ الندوةِ العامة، بترخيصٍ مِنْ وزارةِ التراثِ والثقافة، وتُعنَى بالبحوثِ والدراساتِ التي تخصُّ بهلا، كما تُعنَى بتوثيقِ تأريخها مِنْ فترةِ ما قَبْلَ الإسلامِ إلى وقتِنَا الحاضر، ساعيةً إلى جَمْعِ كُلِّ ما يَمُتُّ إلى بهلا وتاريخِهَا وتراثِهَا بصلة، مِنْ مخطوطاتٍ ومطبوعاتٍ ووثائقَ ونحوِهَا، بالإضافةِ إلى جَمْعِ الإنتاجاتِ الثقافيةِ لأهلِ الوِلاية.
هادفةً مِنْ وراءِ ذلكَ إلى الحفاظِ على تراثِ الوِلايةِ وهُوِيَّتِهَا وإنتاجِهَا الثقافي، وتعريفِ أبناءِ الوِلايةِ وزوّارِهَا بتأريخِها وتراثِهَا العريق، مُتيحةً بذلكَ المجالَ للباحثينَ للوصولِ إلى المعلوماتِ المتعلقةِ ببهلا بسهولةٍ ويُسْر.

سابعًا: مستقبل المكتبة:
وهوَ مشروعُ بناءِ مكتبةِ الندوةِ العامة، والذي سَيُعَدُّ – إذا ما تَمّ – أهمَّ مشروعٍ حيويٍّ ثقافيٍّ يُنَفَّذُ في وِلاية بهلا، كما سيكونُ مِنْ أهمِّ المشاريعِ التي تُضافُ إلى الإِرْثِ الحضاريِّ لهذهِ الوِلاية.
يشتملُ مخطَّطُ المشروعِ على ثلاثةِ أدوار، ولكلِّ دَوْرٍ تقسيماتُه، وقد رُوعِيَ في تصميمِهَا أنْ تكونَ وفقَ أحدثِ تصاميمِ المكتبات، وذلكَ بتوفيرِ كُلِّ ما تتطلبُهُ مِنْ قاعاتٍ وخدمات.
ويُقَدَّرُ أنْ تستوعبَ المكتبةُ خمسينَ ألفَ كتابٍ مَعَ بدايةِ فتحِهَا.
هذا هو الطموح، فهل سيتحققُّ يومًا ما؟.

ملاحظة: جميع القائمين على المكتبة متطوعون فقط وليسوا متفرغين لها، لكنهم يبذلون ما بوسعهم خدمة للعلم.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

3 comments:

غير معرف يقول...

ما شاء الله ،شيء يستحق الاشادة به،،،
نتمنى لهم دوام التقدم فهم فكرٌ ناضج وثقافة بللا حدود،،
peace

غير معرف يقول...

أعجبتني جدا فكرة غرفة بهلا

هي أشبه بغرفة عمان في مكتبة الجامعة... ونوعا ما تشبه مشروع الموسوعة العمانية


تهدف إلى جمع كل ما كتب عن بهلا.. ومن أهم أعمالها أيضا جمع التراث الشفهي (يعمل عليه الشباب حاليا) من كبار السن.


peace

غير معرف يقول...

الحمد لله رب العالمين مكتبة الندوة من المكتبات الأهلية الرائدة في السلطنة

وهي وسام فخر لأهلها

أتمنى أن يستمر عطاء هذه المكتبة الغالية

بارك الله جهودهم وكلل سعيهم بالنجاح

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.