16 فبراير 2010

قراءاتكم: رواية "رائحة البحر" لريم بسيوني (قراءة: مريم العدوي)


عدد الصفحات: 240 صفحة
الناشر: دار البستاني للنشر والتوزيع
تاريخ النشر: 1/7/2005



عن الكاتبة:


د. ريم بسيوني من مواليد الإسكندرية – جمهورية مصر العربية
حصلت على ليسانس آداب قسم اللغة الإنجليزية، من جامعة الإسكندرية. ثم حصلت على الماجيستير و الدكتوراه من جامعة أكسفورد في بريطانيا في علم اللغويات
تعمل أستاذة للأدب و اللغة في جامعة يوتا الأمريكية
تكتب القصة و الرواية باللغتين العربية و الإنجليزية
و قد فازت روايتها / (بائع الفستق) بجائزة أحسن عمل مترجم في أمريكا .
كما فازت روايتها / الدكتورة هناء بالجائزة الأولى في مسابقة ساويرس هذا العام.

شطر من إبداع ريم بسيوني


رواية "بائع الفستق"


رواية "الحب على الطريقة العربية"


Functions of Code Switching in Egypt

قراءة على عجل:
برأي الشخصي الهزيل كلٌ القراءة إبحار، كل البيان سحر ولكن الرواية دائما أكثر سحراً و أكثر غواية، لا أعلم بالنسبة لكم أصدقائي أتوافقونني الرأي أم لا ؟!
د. ريم بسيوني مهما ابتعدت عن مصر ( الوطن الأم ) يظل حنينها لرائحة البحر ينخر في عظام رأسها برقة صور الذكريات وأطياف الحنين ، كيف لا وهي بنت الإسكندرية ؟! الإسكندرية زرقةٌ ممتدة تحتضن المصريين بحراً كانت أم سماء.

تدور أحداث الرواية في الإسكندرية حي الإبراهيمية والأحياء المجاورة، تلتقط عدسة الروائية شخوص متباينة الأحلام ومتباينة الأوضاع.

د.علاء ، طبيب قلب وباطنية ، خريج بريطانيا ، عاد بلهفة الحالم من الغرب لشرق يحلم بأن يغير مجتمعه الذي لا يفرق بين الألم والنشوة بين الزغاريد والصراخ مثالي ومتدين ، اختار الزواج بالعقل فباغتته الأيام بحب يصيبه بالصداع ، هو متزوج وقلبه لا ينبغي له التنقل في بساتين الآخرين ولكن ويلها القلوب متقلبة دائما – ليست إلا – ومفاتيحها بيد القدر.

رانيا، فتاة جامعية وربة بيت، من أسرة بسيطة، ساذجة الأحلام تحلم برجل يحبها وكفى، حب قديم لم تنبت نبتته كما ينبغي كان بفؤادها لأبن خالها محمود ولكن الرياح محت كل أثر له عندما خطفها د.علاء على فرسه وطار بها بعيدا، تقدسه هي كيف لا ؟! تريده فقط أن يكون لها، تعذبها مثاليته وكونه يحترمها جدا ولكنه لا يحبها.

جهينة ، زميلة د.علاء في المستشفى ، عاشت سنين عمرها مع العرب المغتربين في بريطانيا ، تحب مصر ولكنها ترتاح في بريطانيا هناك كل شيء كما ينبغي ، مثالي أما في مصر فكل شيء تلتقطهُ عين النقد ، القذارة ، الفقر ، الإهمال وهموم الشعب وآلامه المدد التي لا يهتم لصرخاتها أحد.

رشا أخت رانيا وزوجة شوقي الذي يجمع المال أينما يمم وجهه يفكر في القرش وحسب أما رشا فالماديات وحدها عمود الحياة في نظرها ، من أجل موبايل من نوع كذا تقيم القيامة وتقرر الطلاق ، الموبايل في كفه وزوجها وابنتها في كفه وإلى الجحيم لا مهم لا مساومة الموبايل أهم ؟!

محمود... ابن خال رانيا يدير دفة الحياة بهدوء يضحك ويتراشق مع الآخرين بالقصص حتى تلك التي قد تجرحهم لا مهم لديه ، المهم وصوله فقط لمبتغاه ، سافر وعاد بحفنة من الدولارات يحلم بأن ترزقه حياة أفضل على أرض تعاند أهلها على الدوام .

محمد أخ د.علاء تقود مسيرته امرأة متعجرفة تريد جيبه وحسب ، ترمي برؤوس الجميع على الحائط لتستمتع بصيفها على شواطئ الساحل الشمالي ، صحة
زوجها في تدهور وهي لا تهتم لذلك ألبته المهم صحة جيبه وحسب !.

رقية المنيسي امرأة في خريف العمر تزدري الغباء ، أنهكها نعيق وجع قديم ، خيانة قديمة – تزوج زوجها سرا – واكتشفت الأمر فقط بعد خمسة عشر عاما ، الولد سر أبيه ولدها اليوم في الخمسين من عمره لا يهم إن كانت زوجته نعم المرأة المهم بأن لديه ما يكفيه من المال ليبتاع له زوجة جديدة ، التقى بها د. علاء في إحدى زياراته الطبية لمرضاة في منازلهم، رأت فيه طيف كانت تحبه ولعلها لم تزل، رحلت بسلام ذات صباح وتركت له رسالة قصيرة /
( د. علاء...........شكرا )، يا ترى على ماذا كانت تشكره ؟!.

علاء مثالي مثالي جدا له زوجه إذن عليه كما تقتضي المثالية إسكات ذلك الشيطان الذي يغويه بين حين وآخر بإشعال جذوة الحب التي ارتمت في فؤاده منذ أن رأى جهينة ، د. جهينة تشبهه في كل شيء تشرب الشاي بالحليب ، تعرف شوارع بريطانيا ولكن هو قديس ولا ينبغي له أن يخطأ ، لذا سيصارع الشوق ...

رانيا ترتدي قناع من الرقة، من العبودية، من كل ما تراه في عيون علاء جميلا تريد شيء واحد أن يحبها وبعدها لا تريد شيء، تسال الله بعد كل صلاة لو يحبني فقط يا رب !!!

ستطبخ البسبوسة رغم كرهها لها وستحرم نفسها من ألواح الشوكولاته ويظل لعابها يسيل لا مهم المهم أن تغدو الإنسانة التي بمقاييس علاء تُحب !

علاقتهما رسمية زوج محترم يحترم زوجته يقدم واجباته على ظرف لصق به طابع الدين والاحترام ، تنتبه هي بدورها لكل إماءه منها لكل نفس وكأنها في حضرة السلطان الذي لا يغفر ، تكره أو لعلها تحب احترامه ولعله هو ما يخنقها لا تريد هذا تريد حبه !

التفاصيل لا مكان لها هنا بين جموع الشعب ، بين الكادحين ، بين المصطفين اللذين يحاربون من أجل رغيف العيش ، ومن يهتم إذا كنت تجيد الإنجليزية هنا أم لا هنا فقط يهتمون للقرش ، للجنيه يا صاحبي إذا لم يُطمأن جيوبهم فسيقلق مضاجعهم !.

د.عبد الكريم إنسان من نوع آخر، من اللذين يمشون بهدى الشيطان، نور الرب بعيدا عن مرآه لذا يكره علاء، لذا قرر حَبك جريمة قذرة ليرمي علاء في براثنها ويواريه عن طريقه.

عايدة عبد النبي ، الممرضة والساعي كانوا الجسر الذي يريد على إثره عبد الكريم الوصول لهدفه القذر .

عايدة طالبة في كلية الطب ، رسبت على يد د.علاء العام الماضي ، أشار لها د.عبد الكريم برفع قضية تحرش جنسي تتهم د.علا فيها وليكن الممرضة والساعي شاهدان على ذلك ، عايدة وافقت مقابل بناء مستقبلها ! وتحت ضغط د. عبد الكريم، الشاهدان مقابل بعض المال مستعدين لبيع أهلهم !؟

المصيبة تقع ، العميد يفجر الكلمات على رأس علاء ( أنت متهم بالتحرش الجنسي بالطالبة عايدة عبد النبي) ، علاء
( لا رد لديه ) ، أهي مزحة ؟ كذبه ؟ الموضوع أكبر من أن يقوى على استيعابه ؟

هنا تنفجر كل الأحداث رانيا تخلع القناع ، تصرخ بمدد ليس لأنها تصدق ذلك بل لأنها تعبت من لبس هذا القناع حتى تكسب حب علاء ، خمس سنوات وهي محبطة ، فاشلة ، الحيرة والهواجس تسكنها العتمة وتجرجرها في بحار التيه ، جهينة تقترب أكثر من ما ينبغي وهو في موقف لا يحسد عليه على الرمضاء رابض ولا خيار له سوى النار ، أن يبيع مثاليته ويشتري نفسه من يد الخونة ، يستفزه الأعداء بطلباتهم ، عايدة ( تزوجني ) ، الساعي والممرضة ( المال ) ، زوجته ( تخلع قناع الحمامة الوديعة وتغدو شرسة ،اذهب إلى الجحيم يا علاء لا فرق فأنت لا تحبني) جهينة ( أنا لك) ومثاليته تقول : ( أنا لرانيا ).

في الختام د. جهينة تغادر لتريح رانيا من لهيب الغيرة وعلاء من لهيب الشوق ، رانيا تقرر أن تكون هي ، هي فقط ، أحبها ، كرهها لا مهم هي تحب نفسها ، علاء مستقر ، قرير العين ، مرتاح الضمير ، مثالي والله معه ، لم يخطأ وخاب ظن الشيطان فيه .الحياة تكمل طاحونتها سرد الأيام ونحن ليس علينا دائما أن نتوقف لنتأكد من رائحة البحر فهو ولو بعد حين سيعود البحر الذي نحب ، بالرائحة التي نعشق .

الرائع في الرواية وأكثر ما جذبني هو أن أوضحت الروائية الحقائق كما هي دون تغير ألقاب ودون مراوغة...... أن تكون مع امرأة أخرى في ذات الوضع الذي تكونه مع زوجتك فأنت ( زاني ) وانتهى الأمر ، فالكثير من الروائيين يتلاعبون بالألقاب وينسلون من رداء إلى آخر فتراهم يلطفون الأحداث والألقاب حسب أهوائهم فالعاهرة يلبسونها رداء الطهر باسم الحب ، والزنا يحيلون بشاعته إلى نزوة أو ضعف د. ريم بسيوني تطلق الحقائق كما هي ، تصور المجتمع كما هو بذنوبه ، عيوبه وحتى بمحاسنه ... لا ملائكة على الأرض ولكن بشر قد يخطأون وقد يصيبون والرب دائما مع الطيبون وإن ازدحم القدر بسواد الذكريات ...

لعلي واثقة للتو بأنني وإن حاولت مرارا وتكرارا اختصار الثقافة الجميلة والتصوير الحسن والإبداع الراقي الذي اختزله قلم د. ريم فأنني لن أستطيع، القراءة وحدها صديقي القارئ من تهب لك غواية الإبحار على شواطئ الإسكندرية وصخب المارة وعمق الأحداث اليومية التي تتصاعد ثم تنزل وكأنها لم تكن كحال المد والجزر....

د. ريم بسيوني زودتني مشكورة بعناوين إبداعاتها ... في القريب سأوافيكم بسحرها ، إلى ذلك الحين دمتم في صحبة خير جليس ....

محبتي: مريم العدوي

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.