08 سبتمبر 2010

قراءاتكم: رواية "الأشياء ليست في أماكنها" (قراءة: مريم العدوي)

هدى الجهوري
كاتبة وصحفية عُمانية
صدر لها /
مجموعتان قصصيتان :
- ليس كما أريد بالضبط / الناشر - الانتشار العربي
- نميمة مالحة 2006 / الناشر- الانتشار العربي
و رواية - الأشياء ليست في أماكنها –






الطبعة الأولى - 2009 / جائزة الشارقة للإبداع العربي ( الإصدار الأول عن مجال الرواية )



الطبعة الثانية – 2010 / كتاب مجلة نزوى – مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان
الغلاف : تصميم ولوحة : التشكيلية / بدور الريامي
عدد الصفحات (187 ) صفحة
فازت هذه الرواية ب :
- جائزة الشارقة للإبداع العربي – الإصدار الأول عن مجال الرواية – المركز الأول 2009
- أفضل إصدار ثقافي لعام 2010 في مجال الرواية – الجمعية العمانية للكتاب والأدباء .

( فقرة من خبر لصدور الرواية )
تشير الكاتبة إلى أن الرواية تقوم على ثلاث شخصيات رئيسية امرأتين ورجل وكل منها ينفرد بكتابة أحداث تتقاطع وتتشابه مع الأحداث الأخرى التي يكتبها الآخر في مذكراته، وفي الوقت الذي يبدو لنا أن أحد الشخصيات كاذب، ويكتب ما يتنافى مع الآخر نكتشف بجلاء أن كل شخص بطبيعة الحال عندما يكتب موقفه الخاص من الأشياء بالتأكيد سينحاز وبقوة إلى نفسه وإلى موقفه، وسيبدو أكثر مثالية لأنه الوحيد القادر على وضع المبررات لما يفعل.

محاولة كتابة عرض لرواية

المتأمل في شارع الحياة من نافذة ما تطل على العالم ، سيرى الناس تقودهم أقدامهم كلٌ إلى حيث يدري أو لا
سيرى ألوان ملابسهم وسيما وجوههم ، ولعله سيحاول تصنيفهم من حيث أوضاعهم الاجتماعية ، وسيطلق عليهم لو أراد أسماءً أخرى غير تلك التي ألصقها عليهم أهلهم ، كيف نرى نحن الأشياء ؟ وكيف يراها الآخرون ؟ ومن الذي بحوزته الحق نحن أم هم ؟
من يقرر إذا حقيقة أن الأشياء في أماكنها أم لا ؟
لماذا الحقائق تأتي بحكايات مختلفة ونلصقها على كراسات مذكراتنا بحكاية واحدة فقط- تلك التي ترضينا- ؟
أسئلة كثيرة ستراها تتقافز أمام ناظريك وأنت تقرأ أفكار الجهوري وفلسفتها الخاصة في النظر إلى الأمور وخلق الأفكار التي لا تقودك سوى إلى إعادة التفكير في الكثير من الأمور .
بحق تجعلك تقف وترى وكأن ( أمل – منى – محسن ) شخوص قريبة من عالمك ، الجهوري نجحت وهي تلبس هذه الشخوص هواجس المجتمع ، بلغه غرست بين كلماتها الكثير من الصور والاستعارات الفنية التي تجعلك تتفاعل مع النص تماما كما لو أنك تمسك بديوان شعر ، فهي تثير جدلك حول تلك الهواجس النائمة نومة أهل الكهف والتي في الغالب لا تستيقظ لتبث لنا أضغاث أحلامها ورؤاها إلا خفية عن الآخرين ، لماذا لا نُعلي الصوت لنتكلم عن الكثير مما يشغلنا إن كان يشغلنا جميعا لماذا لا نتكتم عن ما يختلج في صدورنا إن كان حقيقة ؟ ، هواجس حملناها عتادا ثقيلا على أكتافنا منذ الطفولة ، وأخرى نمت مع الأيام عن الحياة والفكرة أوعن الحب والجسد ، تريد الجهوري أن تعيد ترتيبها على رفوف أيامنا فالأشياء ليست في أماكنها .
فالفوارق المجتمعية التي تلبست بنا منذ زمن بعيد ولم تستطع إي رياح عاتية نزع خرافاتها من عقولنا ، فما زلنا نرى الأشياء بتلك الطريقة المغلوطة ، ما زلنا نرى الآخرين وجوها ، وهل الآخرين وجوها فقط ؟ أليسوا أفكارا ومشاعر ؟ نعم هم كذلك لذا وبعد أن افتتحت الجهوري روايتها برسالة – لعلها وهمية – من حازم لمنى تُصرح بكل ثقة – الحياة في مرايا أخرى – وليست في مرايانا القديمة التي تعطينا الحقائق المبتورة الأطراف التي لا نريد ؟ ليست التي تجعلنا كأصنام صامته لا تمتلك رأي .
توقفني الرواية في الكثير من أفكارها ، فالفكرة تقود الأخرى ، الجهوري تتساءل كثيرا ، كم من الحكايات عن هذا المجتمع القزحي الألوان تشتهي الجهوري لو تقوى على إخراجها من الذاكرة ، دائما هناك نبتة حكايات بين منعطفات الذاكرة ، صامتة كصمت أزقة الحارات النائمة بهدوء وقت القيلولة واستسلام وكأن لا أوجاع يغص بها أهلها ، كم تبدو مطمئنة وهي حقيقةً عكس ذلك ؟
أمل ... هذه الشخصية المتمردة التي ملت من قول عوراء لأفكار عمياء ، لا تحب القيود ولا الأفكار القديمة ولا دس الحقيقة لذا تصارح بها نفسها والآخرين لعلها تقوى على إخماد نارها – بيسره – تقول : أنا كذلك وهم لا يروني غير كذلك إذن فلأفعل ما يحلو لي ، لعل القراءة في شتى مشارب الأمور خلقت لرأسها أفكار الثّوار ، ثائرة هي على هذا الحقائق الكاذبة والمملة التي تقضي على الأحلام والأمنيات الوردية تباعا وبصمت بغيض . ولذا كانت حكايتُها بلا عكاز .
منى ... لعلها المرأة التي أنصاغت لمجتمع أرادها في الظل صامته ، هادئة يغلفها الحياء ، ولكن ماذا نفعل عندما تفر ذواتنا من أجسادنا نحو الخيال لتعيشه كما يحلو لها ؟ ألا يغدو الأمر صعبا ، أن تكون هنا حاضرا كما يريدون وهناك سعيدا كما تريد ؟
ولا أعلم إن كانت الجهوري بهذا ترسم صورتين للمرأة الأولى تضرب العادات بالحائط دون أن تبالي برأي الآخرين لتفلت من سلطتها ؟والثانية تعمد إلى الهروب نحو الخيال حيث لا رقيب ولا سلطان للأمنيات ؟
محسن
... إنه الصورة التي تشبه الكثيرون هنا ، تقنعهم الكتب ولكن المجتمع يجبرهم ولعل القلب يجعلهم يراوحون بين ما يريدون وما يريد الآخرون ، فهل ينجح في ذلك ؟ أم تراه يشتعل في ما يريده فيتجمد عندما يودي مقدسات ما يريد منه الآخرون ؟!
وصورة الرجل هنا كالمعتاد يحصل على ما يريد ، حتى وأن جمع بين خيارين فلا رقيب ولا سلطان إلا الضمير ؟
من يكمل الوقت دون أن يقترف .
في آخر فصول الرواية تطرح الجهوري هذا السؤال ، كيف يمكن أن نروض الوقت لصالحنا دون أن نقترف جنونا وحماقات سندفع ثمنها لاحقا .
أمل ، محسن ومنى أسماء لألوف الوجوه الصامتة التي تتبادل رسائل ذكريات ممقوتة لولا أنها عمرا لا يمكن للمرء أن يقتصه ، تثير بهم الجهوري العديد من الأفكار لتصرخ في وجوهنا عندما نكون مبتسمين وسعيدين بما نراه لتقول لنا : ( الأشياء ليست في أماكنها) لا تتوهمون السعادة فمذكراتكم تفضحكم دائما بالحقائق التي تتبادلونها مع ذواتكم ولعله الخيال الذي يطير بكم بعيدا بين الفينة والأخرى هو من سيفضحكم .
تنتهي سطور الرواية حالما يشتعل فتيل أفكارك ، لعل خيوط الحكاية في البداية ستفلت منك ، وستسأل نفسك أين الحقيقة من الخيال ؟ ولكن في النهاية تظل هناك حقيقة واحدة ( الأشياء ليست في أماكنها ) .


حقا الخدعة الكبيرة هي أن نصدق أن الأشياء في أماكنها دوما .

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

1 comments:

وئام يقول...

البعض يقول الطبقية الاجتماعية عندنا شيء من الماضي... ولكن في الحقيقة مازالت للأسف موجودة...
نهايةالرواية كانت مفاجأة لم أتوقعها.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.