09 فبراير 2011

حوار مع أحمد الغافري حول مبادرة "مدينتي تقرأ"


(المصدر: ملحق شرفات بجريدة عمان، 8 فبراير 2011)


مدينتي تقرأ.. أول مبادرة قرائية في عُمان تمتد لعام

حوار - هدى الجهورية:--

بعد أن نشر شرفات قبل عدة أشهر استطلاعا عن مشروع القرية القارئة في وادي قري الذي يشتغل عليه الباحث الثقافي في المنتدى الأدبي أحمد الراشدي، يطالعنا هذا العام مشروع (مدينتي تقرأ)، وهو عمل تطوعي من إعداد مجموعة من الشباب وبرعاية ودعم من اللجنة الثقافية بنادي الرستاق.

شرفات التقى أحمد بن محمد بن عيسى الغافري، المشرف على مشروع مدينتي تقرأ من حيث الإعداد والتنفيذ، للحديث عن المشروع. الغافري مهتم بقضايا التدريب وتقييمه وتعظيم أثره في بيئة العمل، يعمل حاليا كاختصاصي تدريب، وهو طالب ماجستير في تنمية الموارد البشرية، وهو صاحب أول مدونة عربية متخصصة في قضايا التدريب.
انطلق نهاية الشهر الماضي مشروع (مدينتي تقرأ)، وهو مبادرة ثقافية واجتماعية لتشجيع القراءة والمطالعة الحرة، من خلال أفكار نوعية وجاذبة، لتحقيق رؤية (نحو مجتمع قارئ)، وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها في السلطنة، ومن المزمع استمرارها حتى نهاية العام.

• لنبدأ من الفكرة.. كيف جاءت، وكيف تطورت لتصبح مشروعا على أرض الواقع؟
- المبادرة كفكرة بدأت قبل عام، حين كنا نفكر في تشكيل مجموعة أو نادٍ للقراء، يكون بمثابة تجمع ثقافي للقراءة ومناقشة ما نقرأ، وفعلا بدأنا في أولى الخطوات، لكن الفكرة مع النقاش كَبُرتْ وكَبُرتْ معها طموحاتنا بأن نؤسس لتظاهرة ثقافية متعلقة بالقراءة تحديدا، وبعد أن أعددنا مخططاً لفعاليات المبادرة قدمناها لنادي الرستاق الرياضي والثقافي وبالفعل رحب النادي بالفكرة وأبدى استعداده التام لدعم ورعاية المبادرة وتقديم كافة التسهيلات الممكنة لإنجاحها، ونحن نعمل الآن بشكل مستقل لكن بدعم من النادي.

• كم يصل عدد المشتغلين معك في المشروع؟
- ليس هناك رقم تقريبي! نحن أربعة أشخاص حاليا، كما قلت لك: كانت تجمعنا الميول نفسها تقريبا فيما يتعلق بالمطالعة الحرة واخترنا أن نقدم عملا تطوعيا مرتبطا بميولنا واهتماماتنا، وبأمر نحن نؤمن بأهميته.

أعضاء فريق العمل هم حمد بن سالم البسامي (معلم أول لغة انجليزية) وخالد بن سالم البسامي (معلم رياضيات) وفهد بن ناصر العلوي (معلم لغة عربية)، توحدنا وتجمعنا الكتب ونقاشات تدور حولها وتبادل لاستعارات بعض الكتب، ومن هنا بدأنا تحديدا في توسيع الدائرة لتشمل أناسا آخرين إلى أن ظهرت فكرة المبادرة في إحدى جلساتنا وتحولت بعدها إلى مشروع عمل.

• من هي الفئة المستهدفة من هذا المشروع؟
- القراءة ليست حكرا على أحد، لم نضع في خطتنا أن نستهدف فئة دون غيرها، نحن نعتقد أن الحراك الثقافي ينبغي أن يشمل الجميع، لا سيما حين يتعلق الأمر بالقراءة والمطالعة الحرة، لكن هناك فعاليات مخصصة مثلاً للأطفال كأمسية (القارئ الصغير) والمكتبة المتنقلة وأنشطتها المصاحبة، وأحيانا نتوجه للأمهات والمربيات كأمسية (الكبار يقرأون للصغار) لمحاولة تعزيز موقع القراءة مبكرا في اهتمامات الطفل.

• هل استفدتم من مشروعات وتجارب تمّت ممارستها في دول عربية أو أجنبية تنطوي على فكرة مشابهة؟
- المبادرة بكل فعالياتها هي وليدة نقاش بين أعضاء فريق العمل، وهناك أنشطة تم حذفها أو تعديلها، وربما هناك أنشطة قد تضاف خلال العام وفقاً للإمكانيات وربما للأفكار التي قد تأتينا من الناس كما حصل في أمسية التدشين، حيث قدّم بعض الاخوة نقدهم البنّاء لطريقة تقديم أمسية (كتاب قرأته) واقترحوا بدائل هم يرونها أفضل، ونحن نعوّل الكثير على مثل هذه المشاركة لابتكار أفكار أفضل.

• كم من الوقت لزمكم من أجل التخطيط لمشروع مثل هذا، خصوصا أنه من المزمع استمراره لمدة عام كامل؟
- استطيع أن أقول أننا كمجموعة عقدنا ما لا يقل عن عشرة اجتماعات لإخراج المبادرة بهذا الشكل.. ونحن نعقد اجتماعاً أسبوعياً لتقييم الأداء والتشاور حول فعاليات المبادرة، أي أن التخطيط والتقييم مستمر، ووضعنا في الحسبان إمكانية استمرار المبادرة لعام آخر وفقا للنتائج.

• ما هي الصعوبات والعراقيل الأولى التي وقفت في وجه المشروع؟
- لم تكن هنالك عراقيل تذكر، بالمقابل من الطبيعي أن يواجه أي عمل وأي مشروع صعوبات وتحديات، خصوصا ما يتعلق بالدعم المالي، لذلك بدأنا المشروع بتبرعات شخصية، وكذلك قدّم لنا نادي الرستاق 250 ريالا، بالإضافة إلى وضع كافة الخدمات والإمكانيات الأخرى لخدمة المبادرة .. وكما قلتُ سابقاً التمويل هو التحدي الأبرز الذي يمكن أن يقف حجر عثرة أمام مشروعات كهذه.

• ما هو هدفكم الأساسي من وراء المشروع؟
- تحفيز الناس على القراءة، ولفت انتباههم، لجعل القراءة جزءاً أساسياً من اهتماماتهم الشخصية، وأداة حاضرة باستمرار في تربيتهم ورعايتهم لأطفالهم.

• ما هي الخطط التي ستنفذ على مدى العام؟
- أبرز الفعاليات التي ستنفذ خلال هذا العام ستكون توزيع مكتبات متكاملة في أماكن الانتظار بعدد من المؤسسات الحكومية في الولاية، وكذلك إقامة ندوة بعنوان، (الأسرة وثقافة الطفل: فرص وتحديات)، ومعرض خيري للكتب المستعملة سيتم تخصيص ريعه لتأسيس أول مكتبة متنقلة مخصصة لكتب الأطفال، وسوف يتم تفعيلها بشكل أساسي أثناء فترة الإجازة الصيفية، وتدشين حملة لتأسيس أول مكتبة عامة متكاملة بالرستاق، وأمسية مخصصة للأمهات بعنوان (الكبار يقرأون للصغار) وإطلاق برنامج «أسرتي تقرأ» لدعوة الأسر لتبني برامج نوعية وأساليب عملية لتشجيع المطالعة الحرة، وتقييم تجارب الأسر المشاركة من خلال حلقة نقاش عامة، كما يتضمن مخطط المبادرة مجموعة متنوعة من الأمسيات الثقافية والمحاضرات والبرامج، من بينها برنامج «مشاركة» لتبادل استعارات الكتب القيّمة وذلك لجعل القراءة متعة جماعية بامتياز، وأمسية «قِطاف» لعرض الرسائل والبحوث العلمية ومناقشتها، ويتضمن مخطط المبادرة أيضاً استضافة مجموعة من الشخصيات الفاعلة في المشهد الثقافي في السلطنة للحديث عن تجاربهم مع القراءة ومناقشة الأفكار العملية لتعظيم الاستفادة من المطالعة الحرة والأساليب العملية التي يمكن تبنيها لتعزيز ثقافة الطفل ونموه المعرفي والوجداني عبر القراءة.

• هل سيتم إشراك الكاتب العماني في هذا المشروع، وكيف تتوقع أن تكون ردة فعله؟
- لدينا معرض مخصص للكتاب العماني، نأمل أن تتضافر الجهود لإنجاحه، بل نأمل أن يكون معرضا دائما ومتنقلا بين مدارس الولاية، نريد أن يكون خطوة ضمن خطوات أخرى مفترضة لتشجيع قراءة الكتاب العماني، ولدينا أمسيات وضعنا في خطتنا دعوة مجموعة من الأسماء الفاعلة في المشهد الثقافي العماني.

• أنت كقارئ .. كيف ترى انتشار الكاتب العماني بين الفئات المتعلمة؟
- بصراحة، شخصيا أشعر بحرج شديد حين أتحدث لأصدقاء لي وزملاء عن أعمال عمانية وتجارب متحققة تحظى باحترام وإشادة على المستوى الخليجي والعربي، وأجدهم لا يعرفون تلك الأسماء أو الأعمال، في الوقت الذي نتحدث فيه عن تسويق (المنتج) الثقافي العماني في الخارج، أظن أن الأجيال الجديدة تعيش قطيعة غريبة لا يمكن تفسيرها أو قبول استمرارها مع الكتاب العماني، لا يمكن أن نتحدث عن تسويق الكاتب العماني في الخارج فيما هو مغمور أو مجهول في الداخل، هذا أمر يشعرني بالحرج كقارئ يعني له الكتاب العماني الشيء الكثير.

• ما سبب عدم انتشار الكاتب العماني في الداخل، كما تقول؟
- هذا سؤال مطروح باستمرار في المشهد الثقافي وغالبا ما يتم تبادل (الاتهامات) بشأنه، وأحيانا يتم تحميل المثقف نفسه مسؤولية تدني مستوى تسويق كتابه وهذا في رأيي خطأ فادح، في المبادرة نحن غير معنيين بالأسباب أو بتكرار الحديث عن المشكلة، نحن معنيون بابتكار الحلول والبدائل، المبادرة في معناها الأصيل تعني امتلاك الفعل بدل ردة الفعل، نشعر كمجموعة قارئة بأن علينا حقاً للمبدعين والكتاب العمانيين، ونأمل أن يحقق معرض الكتاب العماني نجاحاً لتجسير هذه الفجوة بين الكاتب والقارئ العماني.

• بعد مرور أول أسبوعين، كيف ترى التفاعل المبدئي؟
لله الحمد، هناك رود أفعال إيجابية جدا، وأحيانا أكثر مما كنا نتوقع، لكنا نستقبل الأمر بحذر لسبب وهو أننا لا نريد فقط المشاركة في تنظيم الفعاليات وتسويق فكرة المبادرة وتحولها إلى تظاهرة احتفالية نستمتع بنجاحنا في تنظيم فعالياتها، وتلقي الثناء والشكر على تدشين هكذا مشروع، نعتقد أن أكبر دعم يمكن أن يقدم للمبادرة هو أن يبدأ الناس فورا في إجراء تغيير فعلي لموقع القراءة في اهتماماتهم، نريد آباء وأمهات يعيدون ترتيب مواقع التلفاز والمكتبة في أولوياتهم.. التلفاز للأسف هو سيد الموقف الآن ضمن هذه الأولويات، ونريد إدارات مدراس تنفض الغبار عن أرفف المكتبات المدرسية وتطلق مبادرات مشابهة لتحفيز القراءة، بالطبع لن نكون سعداء بالثناء والشكر على المبادرة بقدر ما سنكون سعداء بإحداث تغيير حقيقي في اهتمامات الناس.

• ما تقييمك لدعم الجهات الثقافية الرسمية لمشروع المبادرة؟
- قلت في لقاء سابق إن الوقت مبكر لتقييم مستوى الدعم المقدم من المؤسسات الرسمية ذات العلاقة، العمل التطوعي يدعم جهود تلك المؤسسات ولا يتقاطع معها ونحن في أمّس الحاجة إليه خاصة في المناطق والولايات.

• أنت كشخص مهتم بالقراءة..كيف يمكنك أن تقيّم مستوى القراءة في الرستاق، بين الأوساط القرائية، وهل المشكلة حقا في عدم توفر مكتبات؟
- وجود شريحة قارئة في مجتمعنا لا يستند أصلا إلى توفر المكتبات، لذا فالقول إن عدم توفر المكتبات هو السبب لتراجع مستوى القراءة ليس صحيحا، لكنه يبقى سببا ضمن عوامل أخرى، والرستاق ليست حالة خاصة أو متفردة في هذا الجانب، لكي نتحدث عنها بمعزل عن المستوى العام لانتشار القراءة في مجتمعنا، ولكن هناك إضاءات وبوادر جيدة نريد أن نبني عليها وننطلق من خلالها.

• ما رأيك في الإحصاءات والأرقام التي تظهر مدى التدني الرهيب في مستوى القراءة في العالم العربي؟
- ليس لدي رأي محدد فيما يتعلق بصحتها، ربما تمت وفقاً لبحوث كمية معينة، لكن لدي تحفظ شديد حول تكرار نشرها وإشاعتها في أكثر من مؤتمر وندوة ومقال، لأن هذا الأمر يسهم في تكريس الحالة الراهنة، تلك الأرقام التي تشعرنا باستمرار بالفرق بيننا و(الآخر) أيا كان هذا الآخر، كل ما تفعله في الغالب أنها ترسخ هذا الشعور السلبي بالدونية والروح الانهزامية، نريد أن ننتقل إلى مستوى الفعل الإيجابي وأن يتحرك كل منا ضمن الحيز المتاح له، وهذا ما نحاول فعله من خلال المبادرة.

• ماذا تحب أن تضيف؟
- هذا عمل تطوعي لن ينجح بالشكل الذي نتطلع إليه إلا من خلال مساندة الجميع، نحن بحاجة إلى دعم كل المهتمين لإنجاح المبادرة، ونرحب بكل أشكال الدعم خاصة تقديم الكتب المستعملة لتأثيت المكتبات الثابتة في أماكن الانتظار وكذلك المعرض الخيري للكتب المستعملة.


لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

4 comments:

ساعي البريد يقول...

مبادرة أكثر من رائعة وننتظر المزيد
صديقي أحمد مدونة ساعي البريد ترغب في دعم هذه المبادرة فكيف السبيل للحصول على رقم الأخ أحمد الغافري؟

أحمد حسن المعيني يقول...

أهلا حسن..
بأمانة لا أعرف رقم هاتفه، ولكن إليك عنوان صفحة المبادرة على الفيس بوك حيث يمكنك التواصل معه:
http://www.facebook.com/pages/mbadrt-mdynty-tqra/104824419594080

غير معرف يقول...

أتمنى أن نرى نسخة من المبادرة في مدينتي وفي كل مدينة عُمانية .

غير معرف يقول...

رااااائع

مبادرة اكثر من رائع ،، كم نحتاج اليها!

جزيتم خيرا ،، وإن شاء الله لها اسهام في تحويل مجتمعنا الى مجتمع قارئ

كل التوفيق

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.