15 أكتوبر 2011

إصدارات: اليد التي جمدت: لماذا تخشى إسرائيل السلام مع سوريا أكثر من الحرب معها؟



(المصدر: جريدة الخليج بتاريخ 15 أكتوبر 2011)

يؤكد كتاب “إسرائيلي” جديد، هو ليس الأول، أن الكيان لم يكن معنياً بتسوية مع سوريا تعيد الجولان المحتل بخلاف مواقفه المعلنة . “اليد التي جَمدت” هو عنوان كتاب الجنرال احتياط أوري ساجيه، رئيس الاستخبارات العسكرية “أمان” السابق، الذي صدر مؤخراً . أما اليد التي يقصدها فهي يد إيهود باراك وزير الحرب “الإسرائيلي” الحالي ورئيس الوزراء الأسبق، الذي أوكل لساجيه خلال فترة رئاسته للحكومة “الإسرائيلية” ملف المفاوضات مع سوريا .
ويوضح ساجيه أن يد باراك جَمدت خوفاً من التوقيع على معاهدة سلام مع سوريا عندما اقتربت ساعة الحسم . وهذا ما يدعو ساجيه إلى التساؤل وتحويل السؤال إلى عنوان فرعي لكتابه، لماذا تخاف “إسرائيل” من سلام مع سوريا أكثر من الخوف من الحرب معها .
وهذا ما أكده من قبله رئيس الموساد الأسبق داني يتوم في كتابه الصادر عام 2010 (شريك سر) الذي يوضح أن باراك أيضاً لم يعرض على الفلسطينيين في كامب ديفيد عام 2000 كل شيء من أجل السلام بخلاف ما يدعيه هو والكيان لتسويق نظرية فقدان الشريك الفلسطيني .
كتاب ساجيه كما يقول عنه المحلل السياسي لصحيفة “هآرتس”، عكيفا إلدار، أمس، يؤكد ما ذهب إليه دنيس روس ومارتن انديك، اللذان كانا في طاقم المفاوضات الأمريكي، من أن رئيس حكومة “إسرائيل” قد فوت فرصة إنجاز اتفاق سلام مع سوريا، علماً أن باراك يلقي بالمسؤولية على حافظ الأسد .
ساجيه الذي جلس بين باراك وأمنون ليبكين شاحاك، في اللقاء الذي جرى مع فاروق الشرع وزير الخارجية السوري، في حينه، تحت رعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، في ديسمبر/كانون الأول عام ،2000 يورد كيف توجه الشرع إلى مضيفه بيل كلينتون قائلاً، إذا أردت استعمال اللغة غير الدبلوماسية، سيدي الرئيس، كنت سأقول لقد استغفلوني، نعم السيد باراك استغفلني، في “بلير هاوس” اتفقنا على أجندة، هل هذا صحيح سيدي الرئيس، وجنتا كلينتون احمرتا واصطكت أسنانه ولم ينف . الشرع تحدث نصف ساعة، يقول ساجيه، وأنا ك”إسرائيلي” لم أشعر بالفخر، لقد قال لرئيس حكومة “إسرائيل”، إنه يكذب، إنه بدون مصداقية، إنه يعد ولا يفي وإنه يستغفل الجميع وخلال فترة حديثه حظي كل الوقت بدعم وتأييد رئيس الولايات المتحدة، الذي قال له أنت صادق مئة في المئة . المصيبة أن الشرع لم يكن مخطئاً، يقول ساجيه .
إلدار يستنتج، أن التوثيق التفصيلي والمميزات الحادة التي أوردها ساجيه حول كيفية إدارة باراك للمفاوضات مع السوريين، تغني التصور والرواية المتعلقة بالمفاوضات مع الفلسطينيين في كامب ديفيد في يوليو 2000 .
ما يكسب انتقادات ساجيه الحادة ضد باراك المصداقية، يقول إلدار، إنها لا تنطلق من إنسان حالم أو رومانسي، بل من إنسان أمضى خيرة سنوات حياته خلف فوهة البندقية والسلام . بالنسبة له هو مجرد وسيلة لتثبيت أمن “إسرائيل” وتمكينها من البقاء في “الغابة الشرق أوسطية” . يقول ساجيه، الذي ما كان يريد أن يتخيل ما كان سيصيب “إسرائيل” في هذه الأيام لولا معاهدات السلام مع مصر والأردن .
وبرأي ساجيه لا يمكن للكيان الاستمرار في الارتكاز إلى القوة العسكرية مهما كنت قوياً، ويضيف أن الجيش قادر على الدفاع عنها وحدودها ولكن الثمن المتوقع في حرب قادمة يدعو للتفكير قبل الشروع فيها .
ويؤكد إلدار أن سؤال ساجيه: لماذا خاف باراك من التوصل إلى اتفاق سلام مع سوريا، ينسحب على المسار الفلسطيني أيضاً ويتجاوز باراك الشخص ليشمل “إسرائيل” عامة، حيث يقترح إلدار صياغته كالتالي، لماذا تخاف “إسرائيل” من السلام أكثر من خوفها من الحرب؟
بالمقابل يعتقد مراقبون “إسرائيليون” آخرون أن دوافع إستراتيجية تقف خلف تهرب “إسرائيل” من تسوية حقيقية على أساس أن حالة الحرب توفّر عدواً خارجياً ضرورياً لاستمرار تماسكها ووجودها .
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.