25 أكتوبر 2011

قراءاتكم: "مذكرات فتاة عربية متمردة" (قراءة: مريم العدوي)



• مذكرات فتاة عربية متمردة
تأليف: منى أورويل




اسم مستعار ، كتاب إلكتروني وتمرد ، بكل تأكيد جميع ما سبق يُشعل لدى المرء رغبة مُلحة لاقتناء الكتاب والبدء في قراءته ، وبالنسبة لي تقاطعات أخرى كذلك بيني وبين منى جعلتني أسعى لاقتناء الكتاب وقراءته في أقرب وقت.

فكرة النشر الإلكتروني منحت منى فرصة البوح والكتابة في مأمن من رقابة المجتمع الذي تبدو هي في مذكراتها الفتاة الحانقة عليه ، متمردة من القبيلة والاسم الثاني ولكنها لم تستطع أن تتمرد من منى التي صاغت كل تفاصيل حياتها وجعلت منها تلك الفتاة الحالمة بالتمرد ، وهُنا أقول الحالمة بالتمرد ؛ لإنني لم أجد في مذكرات منى من التمرد سوى الحلم ، إلا إذا كانت صورة التمرد لدى منى غير تلك التي لديّ ، وهذا الأمر يبدو ملتبساً عليّ حيثُ أن المرأة العربية لطالما سعت إلى التمرد ، ولكنها أبداً لم تصل إليه – في رأي – ؛ ربما لأنها لا تعرف ما تريد بالضبط أو ما الداعي إلى التمرد ؟!

في الصفحات الأولى من المذكرات راودتني الكثير من الأسئلة التي كُنت أرجو أن أضعها في حوار لمنى أورويل بالإنجليزية ، ولكنني تراجعتُ عن الفكرة إحتراماً لرأي منى و عدم رغبتها في الفترة الراهنة في الإجابة عن أي أسئلة حول مذكراتها ؛ لكي لا يسهل الكشف عن هويتها في الوقت الحالي على أقل تقدير ، حيثُ أنها تتوقع أن لعبة التخفي والاسم المستعار لن تطول .

وكان أول سؤال قد تبادر إلى ذهني ، ماذا يمكن أن تكتب فتاة في الثانية والعشرين من عمرها ؟ حيث أن فكرة ساذجة كانت تطل عليّ بين الفينة والأخرى في مرحلة مُبكرة من طفولتي لأكتب مذكراتي ، ثم وجدتُ أن هذه الفكرة مبكرة ، مبكرة جداً لدرجة إنني لن أجد ما أكتبه ويثير دهشة الآخر وبالتالي فلن تكون مذكراتي من الأهمية بمكان لأحد ، فقراءة مذكرات وتراجم شخصيات كانت حياتها حافلة بالأحداث تجعل من المرء يتراجع سريعاً عن أفكار كهذه ، منى أورويل – كما أحبت أن يصبح اسم كاتبها المفضل ملتصق ٌ باسمها ( جورج أورويل ) - هُنا فآجأتني حيثُ وجدت ما تقوله ، وما تدهشنا به إلى حد ما ، وكما يبدو فإن معاناة الطفولة التي عاشتها منى نتيجة زواج الأب من امرأة أخرى غير والدتها قد رسبت في روحها من الآلام ما شاء الله أن تشكل شخصها اليوم ، وكما تصف منى نفسها فلقد كانت الفتاة الخجولة والمنطوية والمتقوقعة في وحدتها مع إكتئاب مزمن .

كتبت منى مذكراتها متحررة / متمردة من كل حيثيات كتابة المذكرات ، حيث سطرت هواجسها تباعا لما تبادر في ذهنها دون العناية بالفترة الزمنية أو أهمية الحدث ، كما استخدمت اللغة الإنجليزية البسيطة ، وهنا يأتي السؤال ، لمن كتبت منى ؟

كتبت منى بالإنجليزية عامدة ؛ ليصعب التعرف إلى شخصها ولأنها كذلك لا تتوقع قارئاً عربياً في موقع أجنبي للكتب الإلكترونية ، ولكن ما أهمية طرحها لما طرحته أو بالأحرى لما سردته من قضايا دعني لأقول بالغة الحساسية إن كانت لا تحاول أن تجد لها حل ، كما أجابت منى عن هذا فإنها تكتب بهدف الكتابة وحسب ، وهُنا مربط الفرس.

منى طرحت / ناوشت قضايا تخص المجتمع العربي الظفاري خاصة حيث تعرضت لقضايا تخص ذلك الإقليم وحسب في كثير من السطور.

دون الإهتمام بعرض القضية بإنصاف وبحذافيرها فقط من وجهة نظرها الشخصية وبشكل سريع ومن ثم فهي تريد إيصال أفكارها لتكون صورة هذا الأقليم أمام العالم ، وهذا الأمر الذي لا أتمنى أن أقسو فيه على تجربة منى التي كان نصيبها من تقديري وإحترامي وافراً ، إلا أن الأمر يعيدُ إليّ هواجس راودتني في فترة ماضية حول الجانب المظلم لفكرة التدوين الإلكتروني ، حسناً اليوم فتحت لنا الشبكة العنكبوتية آفاقاً واسعة للكتابة ولحرية الرأي والتعبير ولكنها للأسف جعلتنا سطحيين إلى حدِ كبير وهي قضية لا ينبغي أن نغفل عنها حيث أنه من المؤسف أن تصبح الكتابة الإلكترونية بجميع أشكالها وكيفياتها بدءاً من المواقع والمنتديات و انتهاءً بالمدونات ثقلاً آخر على ساحتنا الثقافية ناهيك عن ما كان من نصيب الصحافة وذلك باب يطول استقصاءه .

رفضت مني أي تصحيح للغتها كما أشارت في مذكراتها ، وربما كذلك لأفكارها ، وأجدني لا أقوى على الصمت عندما تُناقش قضايا مهمة وحساسة جداً كالقضايا الدينية والإجتماعية - ليس لأنني كالبعض أؤمن بأنها قضايا عليها خط أحمر بل على النقيض أؤمن بحرية مناقشتها - ولكنني أستآء من أن يفهم أحدهم الأمر وفق ظروفه الخاصة ومن ثم يعمم الفكرة على نطاق عام .
فما تكتبه اليوم وترسله عبر هذه الشبكة العنكبوتية أو أي سبيل آخر سيوصل أفكارك لآلآف الأشخاص وأكثر من ذلك في السنوات القادمة ، وكل كاتب مؤتمن فيما يقدمه.
ولكي لا نضع منى في دائرة المتهم ، تبقى هي مذكراتها وأفكارها التي لا نستطيع أن نقف موقف القاضي ونلزمها بتغيير آراءها.

أقول وآثقة بأن آلاف من شبيهات منى تحت سماء هذا الوطن وغيره من الأوطان ، يكتبن ولكنهن لم يجدن السبيل بعد ليمنحن الآخرين فرصة القراءة.

تشغلني ثيمة التشابه بين مذكرات منى أورويل والسيدة سالمة آل سعيد.

وثمة ثيمة أخرى في مذكرات منى تعيد إليّ صورة مليكة أوفقير - السجينة / المغتربة - .

لقد كانت مذكرات منى أورويل قصيرة جداً ربما ذلك نتيجة صغر سنها ، كما أنها جاءت بتفاصيل بسيطة وسريعة وكأنها رغبة في البوح لا أكثر.

في انتظار وردة السلطان سنبقى وهي الرواية الأولى التي ستكون بالعربية لمنى أورويل وفيها ستفصح منى عن هويتها الحقيقية .

قرأتُ المذكرات على مسمعِ من أمي وأختي حيثُ كنتُ أقوم بدور المترجم الشفهي لهما ، أوقفتني أمي بين السطور قائلة : أخبريها بأنها غداً ستنسى ، هنا الكثيرون ممن تزوجوا أكثر من امرأة وعانى أطفالهم ثم كبروا ونسوا .

منى ... هل ستنسي يوماً وتبقي تحت سماء هذا الوطن ؟


مريم العدوي
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.