19 أكتوبر 2011

إصدارات: "رقابة الإنترنت على الإبداع"


(المصدر: جريدة المصري اليوم، 10 فبراير 2011)

رقابة الإنترنت على الإبداع

مصطفى صلاح

رقابة الإنترنت على الإبداع.. عنوان أحدث دراسة ميدانية من تأليف د. مصطفى عبدالغنى - الدراسة تؤكد بدهية أن الرقابة المفروضة على الإنترنت من قبل حكومات عديدة فى أنحاء العالم فى تزايد مستمر.

وتتكون الجهة التى أجرت الدراسة الأخيرة فى هذا واسمها «مبادرة الشبكة المفتوحة» من مجموعات بحث فى جامعات تورنتو وهارفارد وأكسفورد وكمبردج وغيرها من المراكز البحثية، وتبين الكثير من البدهيات من دراسة آلاف المواقع على الإنترنت فى ٤١ دولة أن ٢٥ من تلك الدول تراقب مواقع الإنترنت، كما أن بعض المواقع والخدمات مثل Google - Skype - map محظورة فى بعض تلك البلدان.

ويلاحظ الكاتب والمفكر هنا تزايدًا فى التوجه منذ عام ٢٠٠٢ حين كانت أعداد قليلة من الدول فقط تفرض رقابة على الإنترنت، وقد اختارت اللجنة ٤١ دولة يمكن إجراء البحث فيها بسهولة.

وقد أكدت الدراسة فى تحقيق علمى كبير أن من بين الدول التى تفرض أشد درجات الرقابة هى إيران، والسعودية، وبورما، وباكستان، وسوريا، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، واليمن، إلى غير ذلك من الدول، التى تذهب إليها الدراسة وتؤكدها.

وقد لاحظ الكاتب الدكتور مصطفى عبدالغنى، أن هناك ثلاثة اعتبارات للرقابة فى البلدان العديدة: اعتبارات سياسية وأمنية، أو اعتبارات اجتماعية.. ويلاحظ المؤلف هنا أن من يرصد هذا العالم الافتراضى فى بدايات القرن الحادى والعشرين يعثر على عديد من حركات الرقابة، التى تسهلها الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، ليس فى الإبداع الأدبى وحسب، وإنما مرورًا بخط أفقى يسمح لإسرائيل تحت رعاية ومساعدة أمريكية عبر الأقمار الصناعية، وعبر المواقع البريدية الأمريكية، التى تخدم «الشات» بكل مجالاته، والتى يقبل عليها شباب العالم الثالث فى القارات الخمس.. ومن يرصد هذا العالم الافتراضى فى بدايات القرن الحادى والعشرين يقرأ ويعرف، وهو ما أصبح حديثًا مكررًا فى صيف عام ٢٠٠٢ بشكل خاص حين تم الكشف للمرة الأولى فى «التايمز» عن وجود شبكة مخابراتية تركز اهتماماتها على جمع أكبر عدد من العملاء، وبالتالى من المعلومات التى يعرف الكثير من الخبراء النفسيين المنكبين على المشروع كيفية جمعها، وبالتالى كيفية استغلالها لتكون «ذات أهمية قصوى».

ولا يخلو من معنى ما تردد كثيرًا حول علاقة الشباب بالإبداع، خاصة حين تقوم جهات كثيرة فى إسرائيل برصد ومتابعة ما يحدث فى العالم العربى «تردد فى هذا كيف أنه فى الماضى استطاعت القوى الإسرائيلية من خلال تحليل صفحة الوفيات بالصحف المصرية خلال حروب «١٩٥٦ و١٩٦٧ و١٩٧٣» مرورًا ببدايات القرن الحادى والعشرين، حيث يعكس لنا موقع مثل «facebook» الكثير من هذه التجليات.

والأكثر من هذا، فإن من يتابع الواقع الذى انتهى إليه التعامل مع العنف المعلوماتى - كما يؤكد المؤلف فى الكتاب - يلحظ خطورة هذا النوع، فلم يعد الخطر القائم هو ما يروج له ليل نهار متمثلاً فى القوة «النووية»، وإنما الأمر جاوز الخطر «النووى» المريع إلى خطر أبعد منه، خطر تجاوز المعلوماتية - فى حالة الغفلة عن أخطارها - إلى مساحات بعيدة، أبعد وأخطر كثيرًا من القوة النووية فى حالة التعايش مع مظاهرها الخاطفة، دون استيعاب أسرارها والتحكم فيها تجاوز الأمر القوى النووية.

فمع أنه حذر فى السنوات الماضية من حركة الرقابة المركزية الأمريكية، ثم وقفت مندهشًا أمام تفسير أو دلالة ترجمة المصالح الإمبريالية فى لحظة ضرب الكابلات البحرية فى المنطقة لأكثر من مرة فى السنتين الأخيرتين، حيث تخضع المنظومة «الإنترنتية» لمجموعة من أدوات الرقابة، التى وظف معها حركة الكابلات للنيل من فضائياتنا وهويتنا، ووظف معها الفعل الإمبريالى بمسميات عديدة للنيل من حاضرنا ومستقبلنا فى وقت كان فيه الواقع العربى لا يشير إلى أى تغيير.

لم يكن أمامه غير التفكير بصوت عال بين تونس والأردن والإسكندرية، حيث ألقى بعض هذه الأبحاث وهو يحاول الصياح بنفير التحذير، حيث لا يسمع أحد، إذا تتحدد الرقابة هنا على أنها الرقابة المركزية على مستوى العالم، أى أنها يمكن أن تعود إلى المركزية الغربية على دول العالم الأخرى، ذلك لأن الرقابة الداخلية فى كل قطر يمكن تجاوزها، أما الرقابة المركزية على مستوى العالم فإنها تمثل إشكالية قائمة دائمًا.

إن الرقابة المحلية أصبحت - كما يكرر الكاتب - قديمة لا يمكن الاستمرار فى تطبيقها، لأن التكنولوجيا المستخدمة فى مجال الإنترنت تتقدم بسرعة، وتجعل تلك القوانين فى حاجة إلى تجديد مستمر، وبالتالى غير قابلة للتطبيق بفاعلية، فى حين أن الخطر «السيبرانى»، العالمى، يظل قاتمًا قائمًا خاصة إذا أضفنا التقدم الهائل فى المعرفة الرقمية الغربية يعدد برامج الوقاية ومنع برامج الحوسبة، وما إلى ذلك من تراجع الإجراءات الوقائية والاحتياطية التى يمكن أن تتخذها الدول الأقل فى التقنية، والتى تنتمى إليها - فى الغالب - دول المنطقة العربية، خاصة الدائرة الإسلامية بشكل خاص.

وهو يكرر هذا مؤكدًا أنه حتى مع ملاحقة التطور العالمى لهذه التقنية والإجراءات، التى تسهم فى الاقتراب من هذا العالم، لا يمكن إلغاء هذا الخطر أو التقليل منه، فحتى مع ما رأيناه فى الفترة الأخيرة فى المنتدى الرابع لإدارة أو حوكمة الإنترنت المنعقد فى شرم الشيخ، وإثارة تعريب المحتوى المحلى للشبكة، خاصة للغة العربية أن اجتماعًا لهيئة الإشراف على شبكة الإنترنت ICNN أقر مبدأ كتابة أسماء المواقع بعدة لغات من ضمنها اللغة العربية، مع تقديم طلبات بأسماء المواقع باللغة العربية إلى الجهات المختصة.. فإنه مع هذا لا يمكن أن تنقذ الإبداع العربى بشتى ألوانه وأجناسه من الأخطار التى تحيق به.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.