03 ديسمبر 2011

إصدارات: مشروع كلمة تترجم "خرافة التنمية"


(المصدر: جريدة اليوم السابع، 2 ديسمبر 2011)

"خرافة التنمية" كتاب جديد لمشروع كلمة للترجمة العربية

كتب بلال رمضان

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة العربية، كتاباً جديداً بعنوان "خرافة التنمية.. الاقتصادات غير القابلة للحياة فى القرن الحادى والعشرين" للمؤلف أزوالدو دى ريفيرو، والذى قام بنقله للعربية المترجم عمر سعيد الأيوبى.

ويتحدث الكتاب عن البلدان، سواء أكانت متقدّمة أم نامية أم متخلّفة، التى تسعى إلى التنمية، وفوائد التنمية التى كثر الحديث عنها كثيراً فى السنوات الخمسين الماضية لم تتحقّق لدى غالبية سكان العالم، ولم يشهد العالم الثالث تنمية حقيقية إلا فى بلدان قلة، فالاستثمارات اللازمة غير متوافرة، والتكنولوجيا الحديثة تتخلّى فى الواقع عن العمالة بدلاً فى توفير فرص عمل جديدة فى العديد من المدن المتضخّمة فى الجنوب، والنتيجة هى أن الغالبية العظمى من البلدان التى تسمى نامية خطأ لم تشهد تنمية حقيقية.

فيوضح المؤلف أن ثمة 4.8 مليار نسمة فى هذه البلدان بعيدون جداً عن أن يصبحوا طبقة متوسطة عالمية، ويعيش ما يقرب من 1.3 مليار نسمة من سكان العالم بأقل من دولار واحد فى اليوم ولا يستطيعون شراء الغذاء الضرورى، ويعيش 3 مليارات أيضاً على دولارين فى اليوم، من دون أمل فى ضمان احتياجاتهم الأساسية إلى الرعاية الصحية والتعليم والسكن، كما بقى نصيب الفرد من الدخل القومى الإجمالى فى أكثر من 100 بلد من دون تغيير أو تراجع عما كان عليه قبل عشرين سنة، لذلك لن يكون الخيار لكثير من البلدان الفقيرة فى العقود التالية الشروع فى عملية تنموية، فأملها الوحيد هو البقاء بطريقة ما وتجاوز تحديات الثورة التكنولوجية والمنافسة العالمية.

يضمّ الكتاب مقدمة وستة فصول ويتعامل الفصل الأول مع "أفول الدولة الأمة" ويرجع تاريخ الدول الأمم إلى عصر النهضة، ويرى أن العولمة هجوم مباشر على سيادة "الدول الأمم"، ما يفقدها السيطرة على سياساتها المالية والنقدية. كما أن المشكلات البيئية الحرجة التى تعانى منها الأرض تضعف سيادة الأمة، ناهيك عن الشركات عبر الوطنية التى ستؤثّر فى نهاية المطاف تأثيراً كبيراً فى مستقبل الدول الأمم.

ويركز جزء من الكتاب على أن صعود الشركات عبر الوطنية وتحالفها الوثيق مع مؤسسات الإقراض الدولية يؤدى إلى تطور سلطة فوق وطنية، والنتيجة المعاكسة هى تهميش بلدان العالم الثالث التى أصبحت عاجزة عن إدارة شئونها الداخلية، أو ممارسة أى شكل من أشكال التأثير العالمى.

وفى أحد فصوله يطرح مفهوم "الداروينية الدولية"، حيث تحوّل العولمة الاقتصاد العالمى إلى غابة عالمية، ولن يتمكن من البقاء فى هذه البيئة الاقتصادية القاسية إلا الأصلح، وفى حين أن التطوّر البشرى، كما رآه داروين، حدث فى فترة زمنية طويلة كى يتكيّف الإنسان مع الحياة ويتخلّص من الأنواع الضعيفة، فإن العولمة لم تستغرق إلا فترة قصيرة نسبياً لتقليص سيادة كثير من الدول الأمم وإضعاف استقلاليتها، كما أن العولمة لا تتيح أى مجال للتكيّف، خاصة فى حالة "الاقتصادات غير القابلة للحياة".

ويوضح الكتاب معضلة "البحث عن الإلدورادو" والصعوبات التى تواجه "البلدان المتخلفة" فى ردم الهوة التى تفصلها عن الاقتصادات المتقدّمة، وهى لا تستطيع القيام بذلك فى حالتها الحاضرة وتواجه خيارين "مستحيلين": الشروع فى ثورة تكنولوجية لتعزيز صادراتها ذات التقنية العالية أو البقاء على ما هى عليه والدخول فى دورة من العنف والدمار، ومن ثم تشبيه التنمية بالإلدورادو، أى أرض الخيرات والذهب الخيالية.

ويشرح المؤلف فى النهاية عن البقاء بعد أن فشلت نماذج التنمية التى تستلهم الاقتصاد الموجّه واقتصاد السوق، ويطرح بديلاً لاستراتيجية "التنمية" أمام الاقتصادات غير القابلة للحياة" فى القرن الجديد: إحلال أجندة "بقاء الأمم" محل أجندة "ثروة الأمم". وللحول دون تزايد البؤس الإنسانى والاضطراب السياسى، فإن على العديد من البلدان التخلى عن أحلام التنمية واعتماد سياسة البقاء الوطنى القائمة على توفير الاحتياجات الأساسية من الماء والغذاء والطاقة وتثبيت استقرار سكانها.

مؤلف الكتاب أزوالدو دى ريفيرو دبلوماسى وسفير (متقاعد) فى وزارة الخارجية البيروفية، خدم فى لندن وموسكو وجنيف ونيويورك، وعمل ممثلاً دائماً للبيرو فى منظمة التجارة العالمية، ومكتبى الأمم المتحدة فى جنيف ونيويورك، تخرّج فى الأكاديمية الدبلوماسية فى البيرو وتابع دراساته العليا فى المعهد العالى للدراسات الدولية فى جنيف، من مؤلفاته: "قانون التطوّر والنظام الاقتصادى العالمى الجديد"، كما كتب العديد من المقالات فى "لوموند دبلوماتيك" و"ذا يونيسكو كورير"، بالإضافة إلى الصحافة المطبوعة فى جنيف وأميركا اللاتينية.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.