23 يناير 2012

إصدارات: "دولة السلطان: جذور التسلط والاستبداد في التجربة الإسلامية"





(المصدر: ميدل إيست أونلاين، 22 يناير 2012)

'دولة السلطان' ينقِّب عن جذور التسلط والاستبداد في الآداب السلطانية

أحمد سالم يقدم رؤية علمية رصينة متسائلا كيف تشكل تراث الاستبداد؟ وما دوره من الناحية التاريخية؟ وما أثر تراثنا القديم في صياغة الحاضر؟

كتب ـ محمد الحمامصي

يشكل الاستبداد أحد المعوقات الرئيسية لإحداث أي نهضة أو تنمية حقيقة في أي مشروع حضاري، وللاستبداد أشكال متعددة ومتباينة ومجالات مختلفة، ويظل أهم أشكال الاستبداد هو الاستبداد السياسي، وإن أي معالجة لقضية الاستبداد تظل منقوصة ما لم يتم البحث عن جذور هذا الاستبداد في تاريخنا القديم، فالاستبداد هو صناعة سياسية، ولكنها رسخت عبر التنظير الفكري والثقافي، وبالتالي فإذا أردنا نقد الممارسات الاستبدادية فلا بد أن نمارس نقد صناعة الاستبداد عبر تاريخنا الثقافي، وهو ما يعنى ضرورة العودة للتراث من أجل نقد جذور التسلط والاستبداد في هذا التراث، وذلك لفتح آفاق جديدة للحرية في حياتنا الراهنة.

والكتاب الذي حمل رقم 100 من سلسلة إصدارات خاصة الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة بعنوان "دولة السلطان.. جذور التسلــــــط والاستبداد في التجربة الإسلامية" تأليف د. أحمد محمد سالم أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب طنطا، يقدم رؤية علمية رصينة تبحث في هذه الإشكالية وتنقب عن جذورها وتقدم استشرافاً لمستقبل خال من الاستبداد ومن صناعه وممن يألفون العيش في ظلاله.

يعود الباحث إلى التراث متسائلا كيف تشكل تراث الاستبداد؟ وما دوره من الناحية التاريخية؟ وما أثر تراثنا القديم في صياغة الحاضر، وفى التأثير على مساره ومنعطفاته؟ وما حجم تأثير هذا التراث على حياتنا الراهنة؟ وهل نحن في الشرق العربي يحكمنا السلف وهم في قبورهم؟. ومحاولاً الكشف عن الداعي التاريخي لحضور الآداب السلطانية داخل الحقل التداولي لثقافتنا العربية الإسلامية من ناحية، ودور هذه الآداب في صياغة شأن التدبير السياسي في الإسلام، والآثار التي ترتبت على ترسيخ الآداب السلطانية كأيديولوجيا للتنظيم السياسي في الإسلام من ناحية أخرى.

يقول الباحث "ظهرت الآداب السلطانية في منتصف القرن الثاني الهجري على يد مجموعة من كتبة الدواوين، والذين ينتمون إلى ثقافات قديمة سابقة على الإسلام. وبخاصة الثقافة الفارسية، حيث كانت "مزايا الأمراء" أو "نصائح الملوك" أو "الآداب السلطانية" تقع ضمن الموروث الثقافي الذي ورثه الإسلام من موروثات الثقافات القديمة للبلاد التي قام المسلمون بفتحها، وهى عبارة عن مجموعة من النصائح والقيم التي تتعلق بالتدبير السياسي، وتقدم إلى الملوك والأمراء، ويتحدد فيها العلاقة بين أطراف المعادلة في نظام الحكم".

ويشير إلى أن هذه الآداب السلطانية اعتمدت على نصوص أولى مؤسسة، مثل عهد أردشير، ورسائل عبد الحميد بن يحيى الكاتب (ت 132هـ)، وأعمال ابن المقفع (ت 145هـ)، وأعمال أرسطو المتحولة مثل رسالة "سر الأسرار"، ثم بعد ذلك أعيد إنتاج معظم هذه النصوص في كل أعمال الآداب السلطانية على مدار التاريخ الإسلامي، ولقد انتحلت هذه النصوص بعضها بعضاً، حيث انتحل المتأخر المتقدم، ولذا بدت نصوص الآداب السلطانية لدى البعض بأنها: نصوص لا تنمو، ولا تغتني ولا تتطور، صحيح أنها كتبت في أزمنة مختلفة، ووجهت إلى ملوك وأمراء من عصبيات ودول مختلفة، وأن الذين أنجزوها لم يكونوا كلهم مجرد كُتاب، فمنهم القضاة، والمؤرخون، والفقهاء، والآباء، والملوك، والوزراء، ومع ذلك ظلت النصوص تتناسل مستعيدة مضموناً معيناً، ووجهة محددة دون أن تتغير".

ورأى أنه على الرغم من التجارب السياسية المتعددة التي عرفها العالم الإسلامي، خلال حقب تطوره المتلاحقة والممتدة زمن التاريخ الإسلامي في مجراه العام. فثمة بينة واحدة للآداب السلطانية متجاوزة لحركة التاريخ، ولكن يتم استدعاؤها على مدار التاريخ الإسلامي بأشكال تبدو مختلفة أحياناً من الناحية الظاهرية.

الآداب السلطانية أسست على يد مجموعة من كُتاب دواوين في الحضارة الإسلامية وأعيد إنتاجها على يد الفقهاء، والوزراء، والمؤرخين، وبالتالي ففي فن "الكتابة السلطانية" لا يبدو أن لاختلاف انتماءات المؤلفين الثقافية من فقه، وتاريخ وفلسفة، وأدب، أو حتى وظائفهم السياسية سواء كانت كاتب ديوان، أو قضاة، أو وزراء، والمؤرخين، وبالتالي ففي فن "الكتابة السلطانية" لا يبدو أن لاختلاف انتماءات المؤلفين الثقافية من فقه، وتاريخ وفلسفة، وأدب، أو ملوك أثراً نوعياً في طبيعة الكتابة السياسية السلطانية، علماً بأن الشخص نفسه قد ينتمي لأكثر من مجال ثقافي، وبالتالي لا معنى للقول بنص سلطاني فقهي أو فلسفي فيبرز التحليل المورفولوجي انمحاء هذه الحدود الثقافية، واستغراق النوع لـ "المؤلف".

ويمكن القول إن الآداب السلطانية هي نمط من الكتابة ازدهر منذ أواخر الدولة الأموية وانتشر عبر مسار تاريخ الدولة الإسلامية وكان يعاد إنتاجه باستمرار عبر العصور المختلفة، ويحدد الباحث مجموعة من السمات العامة لتلك الآداب، فيما يلي أولاً من حيث المضمون:

1 – كتابة من أجل السلطان: إن هذه الكتب قد وجهت إلى الملوك والأمراء والسلاطين والوزراء أي إلى القائمين على تنظيم أمور الناس السياسية، وذلك من منطلق: أنه إذا ما كنت مقبول الكلمة عند ولى الأمر فالمطلوب منك أن تانصحه، وتهدى إليه ما يصح، ويثبت عندك من حال الرعايا، وتساعد عنده على الحق بما تصل إليه قدرتك، ولذا جاءت معظم مقدمات هذه الكتب تحمل إهداء إلى الملوك والوزراء، أو أنها كُتبت بالأساس بناء على طلب من ملك أو وزير، فهذا النوع من الكتابة كان فيه نوع من التودد والتقرب للملوك والأمراء والوزراء.

ونلاحظ أن معظم كتب الآداب السلطانية إما أنها كُتبت بناء على طلب السلطان أو أنها كُتبت من أجل أن تهدى للسلطان ذلك من منطلق النصيحة والتوجيه والتوعية، وهى في جميع أحوالها تكشف عن دور الثقافة والفكر في خدمة سلطان السياسة.

2 – الأدب السلطاني تدبير سياسي واجتماعي: إن الآداب السلطانية تشكل نوعاً من التدبير السياسي والاجتماعي أكثر من كونه نظرية، ويعود معظمه إلى أصول فارسية، فنصوص هذه الآداب التي تهتم بمسألة التدبير في مستواه الخاص والمتعلقة بالسلطة، وفى أبعاده العامة المتعلقة بالجماعة تشكل المظهر الأبرز لهيمنة التراث والتقاليد السياسة الفارسية، ونصوص هذه الآداب قد أعدت وأنتجت لتشكل أداة مساعدة للمحافظة على السلطة، والسبب في أن الآداب السلطانية قد لقيت رواجاً في ثقافتنا العربية الإسلامية هو عدم وجود تقاليد للعرب في التدبير السياسي، فلم يكن للعرب المسلمين تقاليد وموروثات ملزمة في المسائل السالفة - الاجتماع السياسي واللوك الاجتماعي- لذا نجد رجالاً من خصوم الشعورية مثل الجاحظ، وابن قتيبة يعمدون في سياق محاولاتهم لإنشاء تقاليد عربية إسلامية، تدعو إلى تمثل مواد كثيرة من الترجمات والدثائر والأدبيات الواردة في الفرس واليونان، ثم دخلت هذه في صلب آداب السمر، والآداب السياسة والسلوكية.

ولأن معظم أصول هذا التدبير الكائن في الأدب السلطاني هي أصول فارسية وأجنبية، فقد دعا هذا ابن خلدون لنقد الآداب السلطانية في قوله "تبين أن الأحكام السلطانية والتعليمية مفسدة لليأس لأن الوازع فيها أجنبي، وأما الشرعية فغير مفسدة لأن الوازع فيها ذاتي، ولهذا فإن الأحكام السلطانية والتعليمية مما تؤثر في أهل الحواضر في ضعف نفوسهم، وحقن الشوكة منهم بمعاناتهم في وعيدهم وكهولهم" وعلى الرغم من نقد ابن خلدون للآداب السلطانية فإن ثمة أسئلة تطرح نفسها: لماذا استدعى تطور حركة الدولة الإسلامية منذ أواخر العهد الأموي توظيف الآداب السلطانية، ولماذا انتصرت التقاليد السياسية الفارسية على مدار معظم فترات التاريخ الإسلامي في تنظيم شئون الدولة الإسلامية، ولماذا أعيد إنتاج هذه الآداب حتى نهاية الخلافة العثمانية عام 1924؟

3- الأدب السلطاني يستلهم التاريخ يعتبر التاريخ جزءاً جوهرياً من بنية الكتابة السلطانية، فمعظم كتب الآداب السلطانية في مقدمات لمصنفات الكتب التاريخية، فكتاب (السلطان) جزء من كتاب (عيون الِأخبار) لابن قتيبة، وهو كتاب تاريخي، وكتاب ابن طباطبا عنوانه (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) جزء كبير منه في التاريخ الإسلامي، وكتاب (الجوهرة في السلطان) هو جزء من كتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربه، وهو في جوهره كتاب في التاريخ، ولا شك أن هذا يعكس مدى قيمة التاريخ كدرس للاعتبار في الآداب السلطانية، فعلى الملك أن يتدبر سير السابقين وأن ما لا يجب أن ينكر فيه ويدبره أن يتذكر أحوال القرون الماضيين، والملوك الأولين الذين كانوا أشد منا قوة، وأكثر جمعاً".

4- الأدب السلطاني فن أدبي: لاشك أن الآداب السلطانية تشكل جزءاً من الفنون الأدبية التي تعتمد بشكل واضح على الكلام البليغ، والصور الجمالية، كما اتخذت أشكالاً أدبية مثل ألحكي القصصي كما في (كليلة ودمنة) وحكايات (الأسد والغواص)، ووظفت الشعر، والقصة التاريخية في بنائها، وحاولت الآداب السلطانية أن تقدم النصائح الرقيقة في القيم والتدبير للملك في جنس أدبي بديع وذلك من منطلق أنه "إذا عُرى الملك عن الأدب احتلت سياسته وتدبيره، وقد قيل الأدب صورة العقل ومن لا أدب له لا عقل له، ومن لا عقل له لا سياسة له، ومن لا سياسة له لا ملك له.

ومن أجل تلك الصياغة الأدبية لم يجد مؤلفو الآداب السلطانية أية غضاضة في نقل أي موروث من موروثات الأمم السابقة على الإسلام حيث يؤكد الطرطوشى (ت 530هـ) أنه جمع "ما انطوت عليه سير الأمم الماضية خاصة من ملوك الطوائف، وحكماء الدول، فوجدت ذلك في ست من الأمم وهم العرب، والفرس، والروم، والهند، والسند فنظمت في كُتبهم من الحكم البالغة، والسير المستحسنة، والكلمة اللطيفة، والطريقة المألوفة، والتوقيع الجميل، والأثر النبيل".

5- الأدب السلطاني إطار أخلاقي للتدبير السياسي ومن ثوابت هذا الأدب الحديث عن القيم الأخلاقية، وذلك من منطلق عناية الآداب السلطانية بالقيم الأخلاقية في كل شيء لأنه "لما افتقرت الرغبة في أمورها إلى تدبير الملك، وكان الأدب مجموع خلال حميدة، وخصال حميدة افتقر إليها الملك ضرورة لتصدر عنه تصاريف التدبير في الرعية على قانون العدل الذي به دوام المملكة، وقد قبل من حسنت سياسته دامت رياسته" فالحديث عن الملك لا بد أن يكون شخصه حاملاً لمجموعة من القيم الأخلاقية اللازمة لمنصبه كالعدل، والحزم، والعقل، والكرم، والرحمة، والشجاعة.. إلخ.

إن الوعاء الأخلاقي للآداب السلطانية لا يتمثل فقط في الشروط الواجب توافرها في الملك، بل أيضاً في سائر اختيار الملك لأفراد حاشيته، وسائر رتب السلطنة الأخرى، ولهذا تحدثت الآداب السلطانية عن الشروط التي ينبغي توافرها في الوزير، والكاتب والحاجب، وقائد الجند، وقائد الشرطة، والجاسوس، وصاحب البريد... إلخ من وظائف الدولة، أو وظائف الجسد السياسي للملك، وهذا الوعاء الأخلاقي هو ثابت لا ينبغي تجاهله في الآداب السلطانية، وبصرف النظر عن مدى إمكانية تحقيق هذه القيم الأخلاقية في الممارسة التاريخية الواقعية، فهذا الوعاء لا بد من وجوده في الإطار النظري لصياغة قالب الآداب السلطانية.

وكشف الامتزاج بين الثقافة العربية الإسلامية وثقافات الأمم القديمة في نموذج الآداب السلطانية عن مدى انفتاحية الثقافة الإسلامية، وانفتاحية نص الأدب السلطاني، فبداخل نص الآداب السلطانية نجد كل الثقافات حيث يتجاور الحديث عن عدل أنوشروان مع عدل عمر، ومقولات أرسطو وأفلاطون بجوار مقولات سفيان الثوري وأنوشروان وأردشير، وفى نصوص الآداب السلطانية تنصهر ثقافة العرب والمسلمين مع ثقافة الفرس واليونان في بوتقة واحدة، وتتجاور آيات القرآن والأحاديث مع مقولات الحكماء والفلاسفة، وقد يبدو هذا الامتزاج لدى البعض تلفيفاً لأنه يتم بين ثقافات متباينة.

وثمة مجموعة من التساؤلات تطرح نفسها هل الآداب السلطانية صناعة إسلامية استهلكت معارف وموروثات قديمة أم أنها تشكل حضوراً للقديم في لباس الثقافة الإسلامية؟ هل كانت الآداب السلطانية هي أداة حضور الموالى والعجم للمشاركة في الحكم في الدولة الإسلامية؟ وكيف استطاع الموالى والعجم جعل الآداب السلطانية هي أيديولوجيا التدبير السياسي في الإسلام؟ تساؤلات عديدة تطرح أهمية الدور الذي قامت به هذه الآداب في تاريخ الحكم في الإسلام، وكيف تسربت هذه الآداب إلى نظام الحكم في الدولة الإسلامية على مدار تاريخها؟

وأما ثانياً فإن الآداب السلطانية لها ثوابت أساسية في بناء الشكل الخاص بها، أو ما يمكن أن نسميه بمنطق العلاقات السائد في هذه الآداب، وذلك بين الأطراف الفاعلة فيها، ويمكن حصر مجموعة هذه العلاقات المهمة في هذه الآداب فيما يلي:

1 ـ الملك (السلطان) حيث نجد الأدب السلطاني يتمحور حول كيفية صناعة الملك

المتخيل على مستوى التدبير السياسي، وفى هذا يناقش الأدب السلطاني الحاجة إلى الملك وضرورته، وكيفية صناعة صورة تجسد الملك على الأرض من حيث العناية بجسمه وأخلاقه. والشروط الأخلاقية التي ينبغي توافرها فيه، وكيفية توظيف الأفكار الدينية والأخلاقية في إضفاء طابع القداسة على الملك باعتباره خليفة الله على الأرض، وبيان مدى تفرد الملك في مأكله وملبسه ومشربه، وفى طريقة تعامله مع زملائه.

2 ـ علاقة الملك بخاصته، وفى هذه العلاقة يتحدد مدى اختيار الملك خاصته، وحاشيته سواء من العبيد والخدم أو من خاصة رجال الدولة المسماة بالحاشية كالوزير، والكاتب، والحاجب، والعامل، وقائد الجند، وقائد الشرطة، وصاحب البريد، والمحتسب، والقاضي.. إلخ. وفى هذه العلاقة تتضح مدى أهمية الشروط الواجب توافرها في اختيار أفراد الحاشية أو الخاصة، والذين يمثلون أجزاء في نظام الملك أو نظام الدولة السلطانية. كما تتضح مدى أهمية كل فرد من أفراد الحاشية في جسد الدولة أو جسد الملك.

3 – علاقة الملك بالعامة (الرعية) وفى هذه العلاقة تتحدد مدى قيمة الملك ومكانته بالنسبة للرعية، وكيف صورت الآداب السلطانية الملك كالرأس بالنسبة للرعية كجسد للمُلك، وكيف يتعامل الملك مع شئون الرعية، وحقوق هذه الرعية عليه، وحقوق الملك مع الرعية، كما تكشف هذه العلاقة عن دعوة الآداب السلطانية إلى ضرورة ترسيخ الملك للعدل في تعامله مع الرعية، ودعوتها كذلك إلى ضرورة إقرار الرعية بالطاعة للملك، وعدم الخروج عليه.

وضمن هذه العلائق الثلاث يمكن أن نحدد مضمون الآداب السلطانية من حيث بناؤها العلائقى، وتسعى هذه الدراسة إلى التركيز على تحليل بناء العلاقات السائد في الآداب السلطانية، باعتبار أن هذه الثوابت محكومة بمجموعة من العلاقات الداخلية تكشف عن بناء تراتبي هيراركى في دولة السلطان، تلك الدولة التي صنعتها الآداب السلطانية، وتأتى العناية بمسألة الخصائص العامة لمتن الآداب السلطانية من خلال هذه العلاقات السلطانية.

يذكر أن البحث ينقسم إلى الفصل الأول (الآداب السلطانية: دراسة في السسيو- تاريخي) ويوفى فيه الباحث الأصول السسيو- تاريخية للأدب السلطاني، وهذا ما استتبع ضرورة عرض شكل نظام الحكم في الإسلام ابتداء من عهد النبي ثم انتهاء بالخلافة الراشدة، ثم عرض حكم الدولة الأموية، وكيف وظفت السياسة الأموية المعتقدات الدينية والسيف والفئ في ثورات السلطة واستمرار الحكم لبنى أمية، وكيف بدأت الآداب السلطانية تظهر على مسرح الأحداث التاريخية في نهاية عصر الدولة الأموية، وبعد ذلك يعرض الفصل لدور الفرس في الدولة العباسية، وكيف كان النموذج الساسانى هو النموذج المؤثر في هذه الدولة، ودور الفرس في تأسيس الوزارة في العصر العباسي الأول.

وأما الفصل الثاني (الآداب السلطانية: دراسة في منطق العلاقات الاستبدادية)، فيعرض لكيفية صناعة الملك المتخيل، ثم ننتقل بعد ذلك إلى كيفية تجسيد الآداب السلطانية للملك المتخيل على الأرض، وبيان كيف استطاعت الآداب السلطانية أن تصنع الخوف من صحبة الملك أو السلطان، باعتبار أنه قادر على البطش والقتل، ثم ينتقل البحث إلى كيفية صناعة الملك لجسده السياسي من خلال اختياره حاشيته ورجال دولته، وبيان كيف تقوم العلاقة في الدولة السلطانية على البناء الرأسي أو التراتب الهرمي للحاشية الملكية، ويعالج البحث بعد ذلك علاقة الملك بالرعية الذين هم وعاء السلطة الملكية.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.