29 سبتمبر 2012

مقال: ذكريات فاروق جويدة مع الكتب في سور الأزبكية

المصدر : جريدة الأهرام: بقلم: فاروق جويدة: في مصر الزمن الجميل كان من السهل أن تجد في بيوت الطبقة المتوسطة مكتبة صغيرة وقد تجد بيانو قديم وكان الأب يحرص علي القراءة رغم أن الأم كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب وتعلم الأبناء حب القراءة في جو الأسرة التي عرفت قيمة الثقافة. في بيتنا الريفي البسيط في إحدي قرى محافظة البحيرة كان يوجد دولاب عتيق يشبه المكتبة كتب عليه والدي الأزهري المستنير -رحمة الله عليه - جملة واحدة "فيها كتب قيمة" وفي هذا الدولاب قرأت المنتخب من الأدب العربي مختارات في الشعر والنثر والخطابة اختارها طه حسين وأحمد أمين و أشعار المتنبي وأبو تمام والبحتري ومجنون ليلي وحافظ وشوقي وألف ليلة وليلة وأحببت ابن زيدون وعشت في رحاب نهج البلاغة لسيدنا علي كرم الله وجهه. وعندما التحقت بجامعة القاهرة عرفت طريقي إلى سور الأزبكية وكنت أزوره كل أسبوع ومع نهاية العام الدراسي أحمل معي رصيدا من الكتب يكفيني طوال الأجازة السنوية ، أدفع فيه ثلاثة جنيهات حيث كان سعر الكتاب من سلسلة اقرأ قرشان وأعلام العرب خمسة قروش وسلاسل المسرح والروايات العالمية خمسة قروش وكنت أشتري عشرين كتابا بأقل من جنيهين..كان سور الأزبكية بيتا من أهم بيوت الثقافة العربية. وحين تحول سور الأزبكية إلى محلات لبيع الأحذية وسندوتشات التيك أواي وشرائط الأغاني الهابطة أدركت أن العقل المصري دخل مرحلة الغيبوبة ويومها شاهدت دار الأوبرا القديمة وهي تحترق وخلفها ذكريات شعب متحضر عظيم.. تذكرت كل هذه الصور وانا أقرأ أخيرا خبرا عن إزالة أكشاك الكتب من شارع النبي دانيال في الأسكندرية. كنت أحيانا أذهب إلى هذا الشارع وأجد نسخا نادرة من كتب أبحث عنها ، وكنت أشعر بسعادة عميقة وانا أشاهد مئات الشباب يطوفون في الشارع العتيق وأتذكر معهم أياما جميلة كنا نعيشها في رحاب سور الأزبكية بالقاهرة يوم أن كنت أقف حائرا أمام ديوان لشاعر أحبه ولا أستطيع أن أشتريه وكنت أقف بالساعات أقرأ قصائد الديوان وألتهم أبياته والبائع ينظر إلي من بعيد وهو يتمني لو أهداني الديوان.. أيام. لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.